| |
|
29/ تحقيقات/ "مسعف في كل بيت" جهود وطنية لتعزيز الوعي بالإسعافات الأولية
|
عمّان 12 كانون الأول (بترا)- رانا النمرات- يشكل تعزيز الوعي بالإسعافات الأولية محورًا أساسيًا في الجهود المجتمعية الرامية إلى رفع مستوى السلامة العامة، ضمن توجه شامل يهدف إلى وجود "مسعف في كل بيت". ومع حالة عدم الاستقرار الجوي التي تشهدها المملكة، تبرز أهمية اكتساب المهارات الأساسية للتعامل مع الإصابات الطارئة في المنازل وأماكن العمل والطرقات، باعتبارها عنصرًا حاسمًا في حماية الأرواح والحد من المخاطر. وفي سياق تكاملي، نشر الدفاع المدني عبر موقعه الإلكتروني مطوية إرشادية بشأن فصل الشتاء، تتضمن تعليمات للسلامة العامة تشمل التدفئة الآمنة، وتجنب الانزلاقات، والتصرف السليم عند الانجماد أو تسرب الغازات. ويضم الدليل خطوات واضحة لاستخدام المدافئ بأمان، بدءًا من اختيار المكان المناسب، والتأكد من صلاحيتها وفحص التوصيلات الكهربائية والخراطيم، وصولًا إلى التشغيل الآمن لتجنب الحرائق أو الاختناق. ويحذر الدليل من الأخطاء الشائعة مثل ترك المدفأة تعمل أثناء النوم، واستخدامها للطهي والتدفئة معًا، وتجفيف الملابس فوقها، ووضعها بالقرب من الأطفال، أو تشغيلها في غرف مغلقة دون تهوية كافية. كما يشمل الدليل تعليمات للتصرف عند الطوارئ، كفصل التيار الكهربائي في حالات الحريق، استخدام الطفايات، الابتعاد عن مصادر الخطر، ونقل المصابين لمكان جيد التهوية عند الاختناق أو تسرب الغاز، والاتصال بالإسعاف فورًا. ويمتد الدليل ليشمل مبادئ الإسعاف الأولي التي يمكن تنفيذها قبل وصول فرق الدفاع المدني، مثل تقييم مكان الحادث لضمان سلامة المسعف، فحص التنفس والدورة الدموية، إيقاف النزيف بالضغط المباشر، وتثبيت المصاب، وتجنب تحريكه إلا عند الضرورة القصوى، خاصة في حالات إصابات العمود الفقري، وهو ما يشكل عنصرًا حيويًا لإنقاذ الأرواح خلال الدقائق الذهبية. وفي سياق مواز، ينفذ الهلال الأحمر الأردني، ووزارة الصحة، برامج تدريبية تهدف إلى تزويد المواطنين بمهارات الإسعافات الأولية. وقال مسؤول المركز الوطني للإسعاف الأولي والحد من المخاطر في الهلال الأحمر الأردني، أسامة بوبس لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن شريحة واسعة تفتقر إلى المهارات الأساسية في الإسعافات الأولية، مشيراً إلى أن غياب الفهم الصحيح لمبادئ التعامل الأولي مع المصاب يعد أبرز الثغرات التي تؤثر على فعالية الاستجابة للحوادث. وأوضح بوبس أن الاعتماد على أسلوب "الفزعة" عند تقديم المساعدة قد يؤدي إلى ممارسات خاطئة تزيد من خطورة الإصابات، لافتاً إلى استمرار الاعتقاد الخاطئ بأن نقل المصاب يمثل الخطوة الأهم قبل تقييم حالته. وشدد على أن المبادئ الصحيحة للإسعاف الأولي تركز على تثبيت حالة المصاب وتأمين بيئة آمنة لحين وصول الفرق المختصة، مع ضرورة أن يتم النقل عبر كوادر مدربة، خاصة في حالات إصابات العمود الفقري. بيّن أن رفع وعي المجتمع بالمبادئ الأساسية مثل تقييم مكان الحادث، وإيقاف النزيف، والتعامل مع إصابات العمود الفقري، وتقديم الإنعاش القلبي الرئوي، يشكل عنصراً حيوياً لتعزيز الجاهزية المجتمعية وتقليل المضاعفات قبل وصول الجهات المختصة. ولفت إلى أن التدريب على الإسعافات الأولية لم يعد ترفاً، بل ضرورة لضمان استجابة سريعة وفعّالة للحوادث، وتقليل الإصابات والمضاعفات، موضحا أن الهلال الأحمر يخطط لتوسيع البرامج التدريبية لتشمل فئات أكبر، بما يعزز رؤية "مسعف في كل بيت"، مع زيادة التدريب في المدارس، وتوسيع عدد الموظفين المؤهلين، وربط التدريب باحتياجات المجتمع الفعلية لتعزيز الثقافة المجتمعية في مجال السلامة والإسعاف. وفي السياق ذاته، قال رئيس اختصاص طب الطوارئ والحوادث في وزارة الصحة، الدكتور عماد يقين، إن الإصابات الناجمة عن الحوادث والرضوض والكسور تعد من أكثر الحالات شيوعاً في الأردن، وتشمل حوادث عرضية ومهنية وأحياناً مقصودة، وتستدعي التدخل الإسعافي الفوري. وأضاف أن الوزارة دربت أكثر من 52 ألفًا من كوادرها الصحية على مهارات الإسعافات الأولية، إلى جانب برامج متخصصة للتعامل مع السكتات الدماغية وحالات توقف القلب والتنفس، التي تمثل أبرز أسباب الوفيات المفاجئة. وأشار إلى أن الوزارة نفذت ورشات تدريبية لغير الممارسين الطبيين شملت نحو 11 ألف مشارك، إضافة إلى تدريب أكثر من 3,500 طالب في المدارس والجامعات، وبرامج خاصة لمقدمي الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية والخاصة، إلى جانب تدريب نحو 300 فرد من جهاز الدفاع المدني لضمان استدامة المعرفة. وأكد أن التوعية المجتمعية والإعلامية تركز على تعزيز آليات التعامل مع الإصابات والرضوض، مؤكداً أن التدخلات الإسعافية من قبل كوادر مدربة يمكن أن تكون حاسمة في إنقاذ الأرواح. من جهته، أكد مكتب منظمة الصحة العالمية في الأردن أن الإسعافات الأولية تمثل ركيزة أساسية في منظومة الرعاية الطارئة، قادرة على الوقاية من نحو نصف حالات الوفيات وأكثر من ثلث حالات الإعاقة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وأوضح المكتب أن الإقليم يشهد تزايداً في عبء الإصابات والحوادث، ما يتطلب تعزيز قدرات الاستجابة السريعة، خصوصاً خلال اللحظات الحرجة التي تسبق وصول المصابين إلى المرافق الصحية، حيث يحد التدخل السريع والدقيق من المضاعفات الخطيرة في حالات الإصابات الجسيمة، الأزمات التنفسية، النوبات القلبية، ومضاعفات الحمل. وشدد المكتب على أهمية وجود برنامج وطني موحد لتدريب المجتمع على الإسعافات الأولية، يشمل معايير دقيقة للمحتوى وآليات اعتماد المدربين، مع التركيز على الفئات الأكثر تعرضاً للحوادث مثل المعلمين والسائقين وأولياء الأمور. وأكد المكتب أيضًا أهمية تعزيز قدرات الرعاية ما قبل المستشفى، ومواءمة البروتوكولات والإجراءات داخل أقسام الطوارئ لضمان تقديم خدمات متجانسة، مع التركيز على تدريب الكوادر الطبية والتمريضية عبر برامج معتمدة دولياً مثل WHO/ICRC Basic Emergency Care، بهدف رفع كفاءة الاستجابة خلال الدقائق الأولى الحاسمة للحوادث. -- (بترا) رن/م د/أس
12/12/2025 14:16:33
| |
|
|