23/ عربي/ المبتكرات العُمانيات.. من الفكرة إلى الإنجاز |
مسقط 19 حزيران (العُمانية) (فانا) و (بترا) شيخة الشحية- وسط التقدم التكنولوجي والعلمي وفي عالم متسارع بالنهوض التقني والفكري، تبرز أسماء نسائية عُمانية شابة تحدث فرقا حقيقيا في عالم الابتكار وتحمل في صميمها الأمل والتجديد، لتتألق "المبتكرات العمانيات" اللواتي استطعن ترجمة أفكارهن إلى مشاريع واقعية وإبداعات مميزة تخدم المجتمع. ومن قلب المختبرات والبرمجيات وفكرة ريادة الأعمال، آمنت هؤلاء الشابات بأهمية الابتكار في تشكيل المستقبل وبرهنّ على القدرة الفذة والعزيمة العميقة التي لا تلين من أجل تحسين جودة حياة ورسم مستقبل جديد للمؤسسات وإيجاد حلول للنهضة بالقطاعات في مختلف مجالاتها. وكان جلالة السلطان هيثم بن طارق دعا في خطاباته إلى تعزيز بنى العلم والمعرفة والابتكار والأبحاث، وأكد أن الاهتمام بقطاع التعليم وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار من الأولويات الوطنية، إضافة إلى دور الابتكار والتقنية في دعم الاقتصاد الوطني، حيث جاء في النطق السامي: "إننا إذ ندرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقطاع ريادة الأعمال، لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة وتدريب الشباب وتمكينهم للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاع الحيوي، ليكون لبنة أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني". وفي عام 2020 بلغ عدد الطلبات الوطنية المسجلة للمبتكرين العُمانين 107، وارتفع عام 2024، الى 127 طلبا مودعة لدى المكتب الوطني للملكية الفكرية التابع لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار. وقالت المبتكرة تسنيم بنت محمد الداودية صاحبة مشروع "تخفيف النفط الثقيل باستخدام تقنية الحقن الهيدروجيني" التي سجلت ثلاث براءات اختراع في مجال النفط والطاقة المتجددة ومهندسة أبحاث وتطوير ومؤسسة لشركة النفط الأخضر للطاقة، إن أهمية تسليط الضوء على تمكين ودور المرأة في الابتكار ليس بالعهد الجديد في سلطنة عمان. وأشارت الى أن جلالة السلطان هيثم بن طارق أكد أهمية دور المرأة الفعال في مختلف القطاعات، ويعد الابتكار أحد أهم قوى العالم في تحريك الاقتصادات وقد أثبتت المرأة العمانية جدارتها ونجاحها في مجال الابتكار، بما فيها أبحاث النفط والطاقة كونها بيئة خصبة بها الكثير من الإمكانيات والفرص. وأضافت الدودية، وهي أول عمانية تحقق المركز الأول على مستوى براءات الاختراع الخليجية ممثلة في مكتب براءات اختراع الخليج عام 2019، إن للابتكار دورا فعالا في إيجاد نقلة اقتصادية نوعية في المجتمع والذي ينعكس بدوره على التطور الاجتماعي، الأمر الذي يجعل مواكبة التطورات العالمية ضرورة قصوى، وهذا ما اهتمت به سلطنة عمان حيث جعلت من الابتكار أحد أهم أولويات النمو الاقتصادي وساعد في ظهور المبتكرين من مختلف شرائح المجتمع ومؤشر صحي على أن المستقبل القريب سيشهد حقبة نوعية اقتصادية وفكرية مبنية على أسس الابتكار. وأكدت أن المبتكرات العمانيات يحظين اليوم بدعم من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة في برامج المسرعات من ريادة وتمكين المبتكرات من تمثيل سلطنة عمان في المعارض العالمية للابتكار، إضافة إلى المشاركة في البرامج المحلية التي تسلط الضوء على إنجازات المبتكرين التي تمثل بدورها حلقة وصل بين المبتكر والمجتمع بشكل عام، مشيرة إلى أن المجتمع العماني يشهد انفتاحا معرفيا وفكريا أيضا على المستوى الأسري وهو الأساس الذي ينبع منه الدعم للمبتكر من أجل إيجاد الفرص واحتوائها. وتأتي رسالة تسنيم الداودية كمبتكرة من أجل إيجاد ثقافة جديدة مبنية على فكرة الأبحاث والتطوير في مجال البتروكيماويات، ليكون لها الدور الفعال في تغيير المنظومة الاقتصادية من الاعتماد الكلي على الاستيراد في مجال البتروكيماويات إلى ثقافة التصنيع والحفاظ على البيئة ودعم سياسة الوصول إلى الحياد الصفري من خلال إيجاد وتطوير منتجات عضوية قادرة على أن تكون بديلا يكافئ المنتجات الكيمائية فنيا واقتصاديا. وحصدت المبتكرة تسنيم الداودية وهي أول عُمانية تحقق ميدالية ذهبية في معرض جنيف العالمي في عام 2019، عددا من الجوائز منها الجائزة الكبرى والميدالية الماسية مع منظمة "جاوبل وين" العالمية 2022 والميدالية الذهبية مع مرتبة الشرف في معرض اينا العالمي في ألمانيا 2020 والمركز الأول في مسابقة الجدران المتساقطة لتمثيل سلطنة عمان في برلين 2023. من جهتها، أشارت المبتكرة سليمة بنت سعيد المشرفية عضوة في شركة "HydroFuel" المهتمة بتحويل نفايات الطعام الى غاز الهيدروجين الحيوي، صاحبة مشروع "التقليل من الآثار الضارة للإجهاد الإحيائي على النبات"، إلى أن سلطنة عمان اهتمت بالمرأة العمانية بشكل عام والمبتكرة بشكل خاص في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وركزت على دورها في البحث والابتكار في خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عمان فاستثمرت الجهود والأفكار وواجهت التحديات من أجل توفير بيئة مناسبة تضم ابتكاراتها واختراعاتها في مختلف المجالات. وأوضحت أن الاهتمام بالابتكار يعد من الركائز الأساسية التي تسهم في نهضة الدول وتقدمها، مشيرة إلى نهج السلطان هيثم بن طارق، الواضح في وضع الابتكار في صميم التنمية الوطنية وما جسدته رؤية عُمان 2040 من خلال تبني الابتكار والبحث العلمي كأحد الممكنات الأساسية للاقتصاد والمجتمع، إلى جانب الجهود والسياسات والمبادرات الوطنية التي تسعى إلى دعم وتمكين المرأة العمانية وإتاحة الفرص أمامها للمشاركة الفاعلة في مختلف مجالات الابتكار والبحث العلمي، يعكس الإيمان بدور المرأة كشريك أساسي في مسيرة التنمية ويعزز من حضورها في المشهد العلمي والابتكاري ويفتح أمامها آفاقا أوسع للإبداع. وأفادت بأن الأسرة هي الداعم الأساسي للفرد، منها تخرج أجيال مبتكرة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، بالإضافة إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في دعم الأفكار الإبداعية وتبني المشاريع المبتكرة وتحويلها إلى واقع ملموس من خلال مبادرات الطلبة في تأسيس شركات ناشئة والحصول على براءات اختراع، الأمر الذي أسهم في ظهور العديد من المبتكرات العمانيات اللاتي برزن في مجالات علمية، ما يعكس حجم الإمكانات الواعدة لدى المرأة العمانية في مجال الابتكار. وقالت، إن للمبادرات والبرامج الحكومية والخاصة والمؤسسات التعليمية دورا محوريا للمبتكرات العُمانيات في دعم وتوفير المساحة والفرص وتبني الأفكار وتطويرها وتحويلها إلى نماذج ومشاريع واعدة لتسهم في وتشجيع المشاريع ضمن منظومة أكاديمية محفزة في الاقتصاد الوطني. وكانت سليمة المشرفية حصلت على المركز الأول في مجال الاستدامة في مسابقة "نحن عُمان" بمشروع تحويل نفايات الطعام إلى غاز حيوي، والمركز الثاني في هاكاثون جنوب الشرقية للجامعات تحت تنظيم مبارزة لريادة الأعمال. وأكدت المبتكرة ليان بنت سعيد الرحبية، الرئيسة التنفيذية لشركة "سريوس"، أن سلطنة عُمان تسعى دائما في مجال تمكين المرأة في مختلف القطاعات والمجالات ومنها مجال الابتكار كونها تؤمن بأن المرأة ركيزة أساسية لبناء أجيال مبدعة ومؤثرة، وأن المرأة العُمانية أثبتت وجودها وجدارتها واستحقاقها للوقوف اليوم في الصفوف الأمامية للباحثين والمخترعين ورواد الأعمال، بالإضافة إلى دورها في تنشئة المبتكرين، وتوسيع آفاق الابتكار داخل الأسرة والمجتمع، ما يجعل من تمكينها مسؤولية وطنية مستمرة. وأوضحت أن الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية لها الدور الأبرز في تنشئة جيل واع بأهمية الابتكار، بالإضافة إلى دورهم في عملية الدعم والتحفيز والتشجيع للانخراط في هذا المجال بكل ثقة، وأن المجتمع العُماني يشهد اليوم تحولا إيجابيا وواعي فيما يخص هذا القطاع. وأشارت إلى أن الابتكارات تلعب دورا حيويا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما عند ملامسة هذا الابتكارات لاحتياجات الأفراد وإتاحة المجال أمامهم للعمل والمشاركة المجتمعية. وتعد "سريوس"، شركة طلابية ناشئة معتمدة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومختصة في مجال الابتكار وريادة الأعمال، من أبرز اختراعاتها "لغة"، وهو أول ابتكار من نوعه على مستوى العالم يخدم فئة الصم والبكم، حيث يتيح لهم إمكانية التواصل الفعال دون الحاجة لاستخدام لغة الإشارة. وحصدت الشركة مجموعة من الجوائز منها، المركز الأول في مسابقة "إنجاز عُمان" لأفضل إعلان ترويجي لاختراع "لغة"، والمركز الثاني والميدالية الفضية عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي والخدمة الاجتماعية - جائزة نوبل للاختراعات. ملاك بنت خليفة الحارثية، طالبة في كلية عُمان لطب الأسنان، صاحبة مشروع "أول إسمنت حيوي سِني مدعم بأكسيد الجرافين"، تؤكد أن تسليط الضوء على دور المرأة وتمكينها في الابتكار خطوة استراتيجية لتعزيز تنوع الأفكار وتعدد زوايا التفكير، ففي المشاريع التي تنطلق منها أفكارها تكون المرأة العُمانية حاضرة في المختبر وفي التحليل، والتقييم البيولوجي، وصياغة نموذج الإنتاج، الأمر الذي يجعل من تمكينها يحمل معنى جوهريا لا شكليا. وقالت، إن الابتكار ليس ترفا فكريا، بل محرك مباشر لتحسين نوعية الحياة، وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية، وتعزيز الهوية الوطنية، وهو مجال لأفق أوسع وأرحب لفرص وظيفية جديدة، ويعيد توجيه الاقتصاد نحو المعرفة بدلا من الاستهلاك. وأشارت إلى دور الأسرة كونها الحاضنة الأولى للإبداع، بالإضافة إلى دور المجتمع والمؤسسات التعليمية، التي يتم من خلالها توفير البيئات التجريبية والتثقيفية وعبرها يترجم الفضول إلى حلول، مؤكدة دعم المؤسسات الحكومية والخاصة عبر البرامج والمبادرات التي تراهن بجدية على المرأة العُمانية كمحور أساسي في مشاريع البحث والابتكار. وتم ترشيح المشروع للمشاركة في محافل علمية محلية ودولية، كما تم اختيار المبتكرة لتمثيل سلطنة عمان في معرض الابتكار الدولي في ماليزيا. الدكتورة وردة بنت زايد السعيدي، متخصصة في تطوير أجهزة الذاكرة النانوية، صاحبة مشروع "تصميم سلك نانوي مغناطيسي" يتيح التحكم بحركة وتموضع "السكايرميونات" لتخزين بيانات متعددة الحالات ضمن مقطع واحد، ترى أن أهمية تسليط الضوء على دور المرأة وتمكينها في الابتكار ضرورة لتحفيز التغير الحقيقي في بيئة الأبحاث، كما أن وجود قدوات نسائية لا يمنح فقط مثالا للنجاح، بل يخلق بيئة محفزة تدفع المهتمات لاستكشاف مجالات جديدة بثقة وجرأة، وهذا ما تزخر به ساحة الابتكار النسائية في سلطنة عمان مع وجود العديد من المبتكرات العمانيات في مختلف المجالات، الأمر الذي أدى إلى إثراء التنوع الفكري والتقني، وعزز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية عبر حلول أكثر شمولا وفاعلية. وأكدت أن الابتكارات تسهم في فتح آفاق اقتصادية جديدة عبر إنشاء شركات ناشئة وتطوير الصناعات، وتوفر وظائف، وتحسن نوعية الحياة عند تطبيقها في الطب والتعليم والطاقة وغيرها من المجالات، أما على الصعيد الاجتماعي فإنها تعزز روح التعاون والعمل الجماعي وتدفع عجلة التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية والخاصة. كما أكدت السعيدي أن للأسرة تلعب دورا جوهريا من خلال تشجيع الفتاة منذ الصغر على الاهتمام بالعلوم وتوفير الدعم بكافة أشكاله، كما يعزز المجتمع العماني هذا التوجه بالعديد من الفعاليات والمسابقات العلمية المحلية والملتقيات التي تتيح عرض الأفكار، وفيما يخص المؤسسات التعليمية فإنها توفر بيئة خصبة عبر تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة و التجربة دون خوف من الفشل وتوفير الموارد اللازمة في المختبرات المتخصصة، والتي تسهم بدورها في نشر الأبحاث وتبادل الخبرات البحثية عالميا. وحازت المبتكرة السعيدي على جائزة أفضل ورقة بحثية عرض شفوي في مؤتمر (GSRC 2024) عن بحث في الذاكرة متعددة الحالات بالسكايرميونات، وتم اختيارها كعالمة شابة في ملتقى (لنداو) للفيزياء 2024 تقديرا لإسهاماتها البحثية. يسرى بنت يوسف الغداني، خريجة تخصص الكيمياء من جامعة السلطان قابوس ومهتمة بالابتكار البيئي والاستدامة، تعمل على مشروع ابتكاري يحمل اسم (InkClear) وهو عبارة عن مادة تم تطويرها من حبر الحبار، تستخدم في تنقية المياه الصناعية الملوثة الناتجة عن استخراج النفط، والتي تصل كمياتها الى 10 ملايين برميل يوميا، أكدت أن المرأة العُمانية تعكس صورة واقعية عن قدراتها وكفاءتها كونها مساهمة حقيقية في مسيرة التنمية المستدامة في مجال الابتكارات والاختراعات. وأفادت بأن سلطنة عُمان تؤمن من خلال وضعها للاستراتيجية الوطنية للابتكار أن الابتكار محرك رئيس للتنمية الشاملة، سواء على المستوى الاقتصادي أو البيئي أو الاجتماعي، ومن خلاله يمكن إيجاد الحلول وتحقيق استقلالية في الموارد والتقنيات. وتستعد المبتكرة يسرى الغداني لتمثيل سلطنة عُمان في معرض (ITEX) بماليزيا، وهو من أكبر المعارض العالمية في مجال الابتكار. --(بترا) و (العُمانية) و (فانا) ش ش/ اح/ أ أ
19/06/2025 12:33:52
|